الاجتهاد، تأثره وتأثيره في فقهي: المقاصد، والواقع | |
د. عبد الرؤوف بن محمد أمين الأندونيسي | |
Publication Details: | Date: ١٤٣٤ هـ / ٢٠١٣ م Place: لبنان بيروت Name: دار الكتب العلمية |
Language: | Arabic |
Edition: | ١ |
Physical Desc: | No of Pages: ٨١٦ |
Subject: | مصطلح الشريعة والفقه والحكم مصادر التشريع في عصر النبوة والصحابة الخصائص العامة للشريعة أهم أسباب اختلاف الفقهاء مبادئ وأسس الاجتهاد إغلاق باب الاجتهاد وسببه الاجتهاد الجماعي أهمية الاجتهاد في هذا العصر أهم مجالات الاجتهاد حقيقة المقاصد والألفاظ ذات الصلة تاريخ الاجتهاد المقاصدي القضايا الأساسية في الاجتهاد المقاصدي تقسيمات المقاصد الاجتهاد في إطار المقاصد الاجتهاد وعلاقته بفقه الواقع |
Madhab: | Maʿāṣir |
Contributors: | د عبد الرؤوف بن محمد أمين الأندونيسي (تأليف) |
أصل هذا الكتاب أطروحة علمية لنيل درجة الدكتوراه – كلية الشريعة والقانون – جامعة الأزهر بالقاهرة.
يتكوَّن الكتاب من: مقدمة، وفصل تمهيدي، وثلاثة أبواب، وخاتمة. يشير المؤلف في المقدمة إلى أن بعض الممارسات التي يأت بها فرد من أفراد المكلفين أو جماعة من الجماعات التي يوصي بها العلماء والفقهاء المجتهدون من الأمة الإسلامية لا تعبّر كلها عن مقاصد الشارع، وليس جميعها تمثل المراد الإلهي الذي يكون جزؤه الأكبر تحقيق مصالح الإنسان وتكميلها، ودرء المفاسد عنه وتقليلها.
ثم إذا كان الله عز وجل قد تعهَّد العلماء والفقهاء والمجتهدين بتقديم التفسيرات والاجتهادات والفتاوى الصحيحة للأمة للاهتداء بها إلى المراد الإلهي- فإن الاجتهادات الموفقة والتي تحظى بالشرعية الإلهية هي الاجتهادات التي تستطيع ضبط نفسها بغايات عامة أراد الله تحقيقها في هذه الأمة وتتمكن من احترام المصالح بتحقيقها، والمفاسد بدرئها، ذلك مع مراعاة الضوابط في فهم واستنتاج الأحكام من النصوص.
بناء على هذا، وفي هذا السياق، ينبغي التنبيه إلى أن الاجتهاد الذي يضع في اعتباره الغايات والمقاصد العامة من الشريعة ليس قسيمًا للاجتهاد الذي يرجع إلى النصوص، بل أن تلك النصوص بطبيعة محدوديتها أمام الوقائع غير المنتهية وغير المحدودة، لم تكن بإمكانها أن تشير مباشرة إلى أحكام الوقائع والمستجدات دون الاجتهاد في تكييفها مع المقاصد العامة التي تشير إليها النصوص نفسها.
وليست مقاصد الشريعة التي تدل عليها نصوصها وأدلتها وأحكامها وقواعدها وأصولها هي وحدها التي ينبغي أن يلتفت إليها أثناء تطبيق الأحكام الشرعية على الواقع، بل لم يكن هذا مشاهدًا على مدى تاريخ التشريع الإسلامي، إنما الاجتهاد عبر ذلك التاريخ الطويل لم يكن اهتمامه غائبًا عن متعلقات الأحكام، وهذا الاهتمام بالواقع والإنسان إضافة إلى مقاصد الشارع هو الذي يكسب الاجتهاد القبول.
ويطرح المؤلف في المقدمة سؤالاً: كيف يمكن أن يتأثر الاجتهاد الفقهي بالمقاصد والواقع، وله تأثير فيهما في الوقت ذاته؟ ويجيب: إن الاجتهاد سواء قلنا إنه ملكة أو أي صفة قائمة بالمجتهد أو عمل من أعماله- فإنه لا يمكن ممارسته بدون مجتهد، فلا اجتهاد بلا مجتهد ولا مجتهد بلا اجتهاد. فالمجتهد عندما يمارس الاجتهاد لا مفر له من التأثر بأمرين أساسيين وهما: فقه المقاصد، وفقه الواقع. بمعنى أن المجتهد أثناء الاجتهاد ينبغي أن يضع نصب عينيه مقاصد الشريعة، ويستحضرها، فيلتفت إليها، ويعتبرها، ويتأكد من مدى تحققها في حكم المسألة الذي اكتشفه من الأدلة الشرعية.
ثم أن المجتهد لكي يستطيع أن يتحقق من تحصيل مقاصد الشريعة في حكم المسألة لا بد له أيضًا من معرفة تامة بحقيقة المسألة، وهو ما يطلق عليه فقه الواقع بحيث ينبغي عليه أن يستوعب العوامل التي تؤثر في المسألة: من ملابسات، وظروف، وأسباب، ونتائج.
إذن اجتهاد المجتهد الذي تم بهذه الإجراءات هو ما يسميه المؤلف بتأثر الاجتهاد بفقهي: المقاصد، والواقع. هذا مفهوم التأثر، وما مفهوم تأثير الاجتهاد في فقهي: المقاصد، والواقع؟
يرى المؤلف أن تأثير الاجتهاد فيهما يكون بأن يجعل لفقهي: مقاصد الشريعة، والواقع أثرًا بينًا وواضحًا في ممارساته الاجتهادية والفقهية بحيث ينبغي أولاً أن يجرى التنسيق بين مقتضيات الأدلة الشرعية وبين مقاصد الشريعة ومقتضيات الواقع، فإذا كانت مقتضيات الأدلة والمقاصد والواقع متماشية كانت بها، وإلا يحق له أن يطبق الأدلة تطبيقًا يتماشى مع مقاصد الشريعة ومقتضيات الواقع.
تناول المؤلف في الفصل التمهيدي مفاهيم المصطلحات التي تتردد كثيرًا في الدراسات الفقهية، وفي البحث خاصة، وهي: الشريعة والفقه والحكم، وتناول أيضًا مصادر التشريع الإسلامي في عصر النبوة والصحابة، والخصائص العامة للشريعة الإسلامية، وأهم أسباب اختلاف الفقهاء.
عنوان الباب الأول: «مبادئ وأسس الاجتهاد»، وفيه أربعة فصول:
الفصل الأول: تحدث فيه المؤلف عن معنى الاجتهاد وأنواعه، وقد قسمه إلى مبحثين: أولهما مفهوم الاجتهاد، وثانيهما أنواع الاجتهاد.
وخصص المؤلف الفصل الثاني لأحكام الاجتهاد، وقسمه إلى أربعة مباحث أولها حكم الاجتهاد من حيث وصف الشارع له وأثره الثابت به، وثانيها تجزئة الاجتهاد، وثالثها تجديد الاجتهاد، ورابعها تغير الفتوى بتغير الأمكنة والأزمنة.
الفصل الثالث تناول فيه المؤلف منزلة وشروط المجتهد وطبقات المجتهدين وقسمه إلى ثلاثة مباحث: أولها منزلة المجتهد، ثانيها عن شروط المجتهد، وثالثها طبقات المجتهدين.
الفصل الرابع يتناول بعض قضايا مهمة في الاجتهاد، ويشتمل على ثلاثة مباحث: أولها قضية إغلاق باب الاجتهاد وسببه، ثانيها قضية الاجتهاد الجماعي، ثالثها أهمية الاجتهاد في هذا العصر، وأهم مجالاته.
الباب الثاني: تكلم فيه المؤلف عن الاجتهاد وعلاقته بالمقاصد الشرعية، وقد قسمه إلى خمسة فصول:
الفصل الأول عن مفهوم المقاصد، ويشتمل على مبحثين: أولهما مفهوم المقاصد، وثانيهما الألفاظ ذات الصلة بالمقاصد.
ويعرض الفصل الثاني تاريخ الاجتهاد بالمقاصد، وينقسم إلى أربعة مباحث: أولها ملامح الاجتهاد بالمقاصد في عصر النبوة والصحابة، وثانيها ملامح الاجتهاد بالمقاصد في عصر التابعين، وثالثها ملامح الاجتهاد بالمقاصد في عصر تابعي التابعين، ثم رابعها ملامح الفكر المقاصدي عند الأصوليين.
ويتناول الفصل الثالث القضايا الأساسية في الاجتهاد بالمقاصد، وينقسم إلى خمسة مباحث: أولها تقصيد النصوص والأحكام الشرعية، وثانيها مسألة تعليل الأحكام واختلاف العلماء فيها، وثالثها قضية المصلحة والمفسدة، ورابعها الوسائل المنهجية لمعرفة مقاصد الشريعة، ثم خامسها قضية المقاصد والوسائل في الأحكام.
ويتكلم المؤلف في الفصل الرابع عن تقسيمات المقاصد، مقسمًا إياه إلى سبعة مباحث: أولها أقسام المقاصد باعتبار مدى قوتها وتأثيرها، وثانيها أقسام المقاصد باعتبار القطع والظن، وثالثها أقسام المقاصد باعتبار تعلقها بعموم التشريع وخصوصه، ورابعها أقسام المقاصد باعتبار تعلقها بعموم الأمة وأفرادها، وخامسها أقسام المقاصد باعتبار محل صدورها ومنشئها، وسادسها أقسام المقاصد باعتبار وقتها وزمن حصولها، ثم آخرها أقسام المقاصد باعتبار حظ المكلف، وعدمها.
الفصل الخامس يتناول فيه المؤلف الاجتهاد في إطار فقه المقاصد مقسمًا إياه إلى أربعة مباحث: أولها أهمية الاجتهاد في إطار مقاصد الشريعة، ثانيها دور مقاصد الشريعة في الممارسات الاجتهادية، ثالثها ضوابط الاجتهاد المقاصدي، ثم رابعها تأثير الاجتهاد في فقه المقاصد.
الباب الثالث يتناول الاجتهاد وعلاقته بفقه الواقع. وقد قسمه المؤلف إلى ثلاثة فصول: يتناول الفصل الأول مفهوم فقه الواقع وعناصره وأهميته، ويشتمل على ثلاثة مباحث: أولها مفهوم فقه الواقع، ثانيها عناصر فقه الواقع، وثالثها أهمية فقه الواقع.
الفصل الثاني عن مكانة فقه الواقع في الشريعة الإسلامية، ويشتمل على خمسة مباحث: أولها منزلة فقه الواقع في القرآن الكريم، وثانيها منزلة فقه الواقع في السُّنَّة النبوية، وثالثها منزلة فقه الواقع عند الخلفاء الراشدين، ورابعها منزلة فقه الواقع عند فقهاء الشريعة، وخامسها منزلة فقه الواقع عند الأصوليين.
ويتحدث المؤلف في الفصل الثالث من فقه الواقع ودوره في الاجتهاد. ويشتمل على ثلاثة مباحث: أولها ضرورة الفصل بين الواقع المؤثر والواقع المهمل، وثانيها ضوابط فقه الواقع، وثالثها أثر الواقع في تقرير الأحكام وتنزيلها.
ويختتم المؤلف دراسته ببعض النتائج، منها:
1- أن مقاصد الشريعة أصبحت قضية مركزية ومحورية في مجال الدراسات الإسلامية والفقهية بوجه خاص، بحيث يكون الاتجاه إليها والالتفات إليها أثناء الممارسات الفقهية الاجتهادية ضرورة ملحة في إطار تشابك الوقائع وتعقد المستجدات في الحياة، وهكذا الحال بالنسبة إلى فقه الواقع ودراسته والتعمق فيه، حيث أصبح هو أيضًا ضرورة لها أهميتها القصوى بالنسبة للفكر الإسلامي عامة، والفقه والاجتهاد على وجه الخصوص.
2- أن قضية الاجتهاد المقاصدي والواقعي قضية فكرية فقهية ما زالت في أمسّ الحاجة إلى باحثين مخلصين في مجال الدراسات الإسلامية، وفي دائرة الدراسات الأصولية والفقهية خاصة لبلورة قضاياها الأساسية ومباحثها المركزية؛ لتكون مرجعية لجميع الاجتهادات التي تسعى لتقديم الحلول الشرعية في إطار المقاصد الشرعية والواقع.
3- أن الجدل حول حتمية استقلال مقاصد الشريعة عن علم أصول الفقه ليس لها أهمية قصوى إذا اتفق جميع الأطراف على ضرورة تكثيف الدراسات المقاصدية وتوسيع قضاياها ومباحثها، ذلك أن الإفراط والتفريط في أي قضية لن يفيد القضية ما دام التوفيق بين القولين ممكنًا.
4- أن الشريعة الإسلامية لها خصائصها العامة التي تتميز بها عن الشرائع الأخرى أو القوانين الوضعية، وهي التي تكون بمثابة سر من أسرار صلاحها لجميع الأزمنة والأمكنة والأجيال، ومن تلك الخصائص كون الشريعة كلية عامة لجميع المكلفين.
5- أن الشريعة بوصفها جامعة للثبات والمرونة فإنها لا يضرها اختلاف علمائها وفقهائها في فهم نصوصها وتطبيق أدلتها حسب قواعد الاختلاف؛ لأن لهذا الاختلاف أسبابه. من أهم هذه الأسباب:
- توفر القطعية والظنية وعدمها في مصادر الأحكام وأدلتها.
- اختلافهم في تقدير الواقع الذي سينزل عليه الحكم بعد ثبوت القطع في مصدر الحكم ومدلوله، وهو ما يسمى بالاجتهاد التطبيقي أو التنزيلي. وهذا النوع من الاجتهاد يتطلب عدم تطبيق النصوص على الوقائع تطبيقًا تلقائيًا، بل يجب مراعاة الظروف والأحوال التي تلامس الواقع أو ما سيقع عليه الحكم.