أصول العمل الخيري في الإسلام في ضوء النصوص والمقاصد الشرعية | |
يوسف القرضاوي | |
Publication Details: | Date: ٢٠٠٨ م Name: دار الشروق |
Language: | Arabic |
Edition: | ٢ |
Physical Desc: | No of Pages: ١٤٩ |
Subject: | العمل الخيري من المقاصد الأساسية لشريعة الإسلام خصائص العمل الخيري مظاهر العمل الخيري وأدلته من القرآن والسنة مصادر تمويل العمل الخيري في الإسلام نماذج تطبيقية للعمل الخيري من الواقع التاريخي |
Madhab: | Maʿāṣir |
Contributors: | يوسفالقرضاوي (تأليف) |
يدور هذا الكتاب حول العمل الخيري باعتباره جانبًا أصيلاً من جوانب الإسلام، وهو مقصد من مقاصده الأساسية، التي توحي بها عقيدته، وتدفع إليها قيمه، وتنظمها شريعته، ويقدم فيها الرسول ﷺ وأصحابه نماذج عملية بها يُقتدى فيُهتدى.
وهذا الكتاب في بيان أصول العمل الخيري في الإسلام، وفي تأصيل العمل الخيري وأهميته في الإسلام، وكيف أصَّل الإسلام العمل الخيري: فعلاً. ودعوة ثم بيان مظاهر فعل الخير وتجلياته في شتى دروب الحياة، ثم بيان مصادر تمويل العمل الخيري في الإسلام. ثم نماذج تطبيقية في الواقع التاريخي.
ويتكون الكتاب من عدة أفكار رئيسية: الفكرة الأولى بعنوان «العمل الخيري من المقاصد الأساسية لشريعة الإسلام». يقول المؤلف عن هذه الفكرة إن الحق والخير قيمتان من القيم العليا، التي تحرص عليهما كل أمة راشدة، وكل ديانة سماوية أو فلسفة أرضية.
إن عمل الخير وإشاعته وتثبيته يُعد من أهداف الرسالة المحمدية، ومن مقاصد الشريعة الإسلامية الأساسية، وإن لم يذكره الأصوليون القدامى- صراحةً- في المقاصد أو الضروريات، التي حصروها في خمس أو ست، وهي: المحافظة على الدين، وعلى النفس، وعلى النسل، وعلى العقل، وعلى المال، وزاد بعضهم سادسة وهي: المحافظة على العِرض.
ولم يذكر علماؤنا القدامى «الخير» وحبه، وفعله، والدعوة إليه ضمن الأشياء الأساسية التي جاءت الشريعة للمحافظة عليها، لأنهم أدرجوها ضمن الضرورة الأولى والعظمى، وهي: الدين.
فالدين، عندهم- وهو أس الشريعة وجوهرها- يشمل فيما يشمل: معرفة الحق، وفيه تدخل العقائد التي هي أساس الدين، وحب الخير وفعله، وفيه تدخل الزكاة والصدقات، وغيرها من دعائم الخير.
و«الخير» قد يُذكر في القرآن الكريم، وفي السنة النبوية بلفظ «الخير» نفسه، وقد يُذكر بألفاظ أخرى تحمل مضمونه، مثل: البر، والإحسان، والرحمة، والصدقة، وتفريج الكُربة، وإغاثة الملهوف، وغير ذلك.
ويأتي العمل الخيري في القرآن والسنة بصيغ شتى، بعضها: أمر به، أو ترغيب فيه، وبعضها: نهي عن ضده أو تحذير منه، بعضها مدح لنا على الخير، وبعضها ذم لمن لا يفعل فعلها، وبعضها يثني على فعل الخير ذاته، وبعضها يثني على الدعوة إليه، أو الدعوة عليه، أو التنافس فيه.
ومن هنا نجد الإسلام يدعو إلى: فعل الخير، وقول الخير، والمسارعة إلى الخير، والتسابق إلى الخير، والحض على الخير، ويؤكد على نيّة الخير وعلى فعله وإن صغُر، ويذم المناعين للخير، ويبيِّن أن التعاون على عمل الخير فريضة، ويؤكد على إثابة كل من يسهم في النشاط الخيِّر.
فإن من أصول عمل الخير: إثابة كل من يقوم بجهد ما في عمل الخير، وتوصيله إلى أهله. فجعل العامل على الصدقة- تحصيلاً أو توزيعًا- كالمجاهد في سبيل الله، إذا توافر فيه أمران: تحري الحق، وابتغاء وجه الله بعمله، وإن كان يأخذ عليه أجرًا.
ويدخل فيه العاملون في الجمعيات الخيرية والإغاثة، وإن كانوا يأخذون أجرًا على أعمالهم، إذا صحَّت نيَّاتهم، وقصدوا بعملهم- في الأساس- وجه الله تعالى. لهذا اعتبر الحديث الشريف العامل على الصدقة (الزكاة) كالغازي (المجاهد) في سبيل الله مع أن القرآن فرض له أجره من الزكاة نفسها من مصرف العاملين عليها.
الفكرة الثانية عن خصائص العمل الخيري في الإسلام، ومن ضمن الأفكار التي تتضمنه هذه الفكرة الرئيسية: الشمول، والتنوع، والاستمرار، وقوة الحافز، والخلوص للخير.
وفي هذه الفكرة يرى المؤلف أن الإسلام يعتبر أن للغرباء والأبعاد حقوقًا أيضًا، بحكم إسلامهم إن كانوا مسلمين، وبحكم إنسانيتهم إن لم يكونوا مسلمين، ولا يكف المسلم خيره وبرَّه عمن يخالفه في الدين، بحيث لا يقدم العون إلا لمسلم، ولا يجود بالخير إلا على مسلم، كأن الكافر لا يستحق الرحمة، فهذا خطأ، لأن الكافر يعيش في ظل مُلك الله. وقد وجه القرآن المسلمين في التعامل مع غير المسلمين، وأن نبرهم ونقسط إليهم ما داموا مسالمين لنا، ولم يظاهروا عدوًّا علينا.
ولا يأخذ فعل الخير لدى الفرد المسلم ولا الجماعة المسلمة صورة واحدة، ولا نمطًا واحدًا، بل تتعدد صوره، وتتنوع أنماطه، بحسب حاجات الناس ومطالبهم، وبحسب قدرة فاعل الخير وإمكاناته.
فقد يعمل على تحقيق المطالب المادية للإنسان، وقد يعمل على تحقيق المطالب المعنوية للإنسان، من تعليم وثقافة وفقه في الدين.
وقد يمنح المسلم الخير للفرد، أو يمنحه للأسرة، أو يمنحه للمجتمع، وقد يكون الخير في صورة أشياء عينية، أو في صورة نقود.
وقد يكون الخير في صورة صدقة عادية تُنفق في الحال على مستحقها، وقد يكون في صورة صدقة جارية، أي دائمة متجددة وهي صورة «الوقف الخيري» الذي يُحبس أصله وتُسبل ثمرته للخير.
فهناك الصدقة الاجتماعية: مثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإصلاح بين المتخاصمين، وهناك الصدقة النفسية، وهناك الصدقة الإنسانية التي تتعلق بالضعفاء من البشر، وهناك الصدقة التي لا تتعلق بشخص معين، ولكن تتعلق بعموم الناس، مثل إماطة الأذى عن الطريق، فإزالة كل ما يعوق الناس أو يؤذيهم من الطريق الذي يسلكونه، هو عبادة وصدقة يُتقرب بها إلى الله.
ومن خصائص العمل الخيري في الإسلام: أنه لا يُقبل عند الله ما لم يكن خالصًا للخير، ولا تشوبه شائبة أو تلوثه، وذلك يتحقق بأن تكون بواعثه دينية أخلاقية، لا دنيوية ولا مادية، فلا يُقبل- في ميزان الإسلام- الخير من امرئ جعله وسيلة لخداع الناس.
ولا يجوز في الإسلام أن يصل إلى الخير بطريق الشر، فإن الإسلام يرى كل الأشياء والتصرفات بالمعيار الأخلاقي، ولا يفصل بين الأخلاق والحياة في شأن من الشئون؛ لهذا لا يُقبل من المسلم أن يقبل الرشوة، أو يحتكر السلعة، أو يغلي في ثمنها على المستهلكين المستضعفين.
الفكرة الثالثة عن «مظاهر العمل الخيري وأدلته من القرآن والسنة». يذكر المؤلف في هذه الفكرة أن للعمل الخيري مظاهر كثيرة، ودلائل شتى، دلَّ عليها القرآن الكريم، والسنة المشرفة، وحثَّ المسلمين عليها ترغيبًا وترهيبًا، بعضها من قبيل الواجب، وبعضها من قبيل المستحب، وكلها مما يحبه الله ويرضاه.
ويورد المؤلف أمثلة شتى لمظاهر الخير وأدلتها من الكتاب والسنة، مثل: إطعام الجائع. سقاية العطشان. كسوة العريان. إيواء المشرد. كفالة اليتيم. رعاية الأرملة. إيتاء المسكين حقه والحض عل إطعامه. الإحسان إلى الجيران. إعطاء ما تيسر للمساكين عند الحصاد. رعاية الشيخوخة والمسنين.
الفكرة الرابعة: «مصادر تمويل العمل الخيري في الإسلام». يُبيِّن المؤلف في هذه الفكرة أن الإسلام عني أبلغ العناية بفعل الخير والدعوة إليه، وجعله من مقاصده الأصلية، وأصَّله تأصيلاً، وفصَّله تفصيلاً، وأورد لنا نماذج كثيرة من مظاهر فعل الخير التي دل عليها ودعا إليها.
ومصادر تمويل الخير كثيرة جدًّا في دين الإسلام، بعضها منوط بالأفراد، وبعضها منوط بالمجتمع أو ما يُطلق عليه الآن: المجتمع المدني، وبعضها منوط بالدولة. بعض هذه المصادر دورية وبعضها غير دوري. بعضها مطلوب طلب الفريضة، وبعضها مطلوب طلب الفضيلة، وكلها تكون في مجموعها روافد أساسية ومهمة لتمويل أعمال الخير، وبقائها واستمرارها، حتى تظل محققة هدفها، مؤتية أكلها.
والفكرة الخامسة عن «نماذج تطبيقية من الواقع التاريخي». يقدم المؤلف تحت هذا العنوان: نماذج من عهد النبوة، ونماذج من عهد الصحابة، ونماذج بعد عصر الصحابة، نماذج السلاطين من أهل الخير.