أحكام الجوائح في الفقه الإسلامي وصلتها بنظريتي الضرورة والظروف الطارئة | |
عادل مبارك المطيرات | |
Awarding University: | جامعة القاهرة |
Faculty: | كلية دار العلوم |
Department: | قسم الشريعة الإسلامية |
Qualification Name: | درجة الدكتوراه |
Total Pages: | ٥٨٤ |
Publication Status: | لم يُطبع |
Country: | Egypt |
Language: | Arabic |
Subject: | تعريف الجوائح ونظريتي الضرورة الشرعية والظروف الطارئة أسباب الجوائح وأنواعها وشروطها أحكام الجوائح الصلة بين الجوائح ونظريتي الضرورة والظروف الطارئة أمثلة تطبيقية لبعض الجوائح المعاصرة |
Madhab: | Maʿāṣir |
Contributors: | عادل مبارك المطيرات (تأليف) |
تتكوَّن الرسالة من مقدمة وتمهيد وأربعة أبواب وخاتمة. يشير الباحث في المقدمة إلى أن من فضل الله تعالى على عباده أن أنزل عليهم هذه الشريعة السمحة التي جاءت لتحقق مصالح الناس وتدفع عنهم المفاسد؛ فما من مصلحة تفيد الإنسان إلا دعت الشريعة إليها، وما من مفسدة تضر الإنسان إلا نهت الشريعة عنها.
لقد زخر الفقه الإسلامي بأحكام وقواعد كثيرة فيها المصالح والمنافع للعباد. وهذه الأحكام قائمة على التيسير ورفع الحرج والمشقة عن العبد ودفع الضرر عنه.
وقد امتازت الشريعة الإسلامية بالمرونة والعموم والحيوية مما جعلها تواكب عوامل النمو الإنساني حتى قادت الحضارة الإنسانية في أزهى عصورها، فنعمت هذه الأمة وغيرها بعدالة وهناء لم تشهدها أمة من قبل.
ومن المسائل التي بحثها الفقهاء في كتاب البيوع مسألة الجوائح في بيع الثمار، والتي تدل بأحكامها وفروعها على سعة وشمولية نصوص التشريع الإسلامي، وقيامها على مبادئ اليسر ورفع الحرج ودفع الضرر عن الناس. وهي وإن وردت في خصوص بيع الزروع والثمار، إلا أن الفقهاء فرعوا عليها فروعًا كثيرة، وقعدوا عليها قواعد مهمة، بل نظروا من خلالها نظريات متعددة. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل وجدوا من خلالها حلولاً لكثير من المشكلات الاقتصادية المعاصرة.
بيَّن الباحث أن دراسة موضوع الجوائح له تعلق كبير بنظريتين هامتين، إحداهما: نظرية الضرورة الشرعية، والتي هي أساس لكثير من مسائل الفقه الإسلامي، والثانية: نظرية الظروف الطارئة، وهي نظرية قانونية لها صلة واضحة بمبدأ الجوائح. فكان البحث في هذا الموضوع من الأهمية بمكان لربط هذه النظريات بعضها ببعض.
إن التعرف على أحكام الجوائح يفتح آفاقًا واسعة للاجتهاد في استنباط أحكام الجوائح المعاصرة، والتي كثر وقوعها في عصرنا الحاضر، مما يتطلب جهودًا وافرة لوضع الحلول الشرعية لتلك الجوائح المعاصرة.
إن كثيرًا من الجوائح قد عالجها فقهاء القانون معالجة تفصيلية وفقًا لمبادئ ونظريات قانونية، فوجب البحث في هذه الجوائح ومحاولة إيجاد حلول شرعية لها يُستغنى بها عن الفقه القانوني البعيد عن الشريعة الإسلامية، أو على الأقل تكون مكملة للفقه القانوني فيما لم يخالف فيه الشريعة الإسلامية.
يشتمل التمهيد على التعريف بالجوائح ونظريتي الضرورة الشرعية والظروف الطارئة من خلال مباحث ثلاثة: المبحث الأول: التعريف بالجوائح، المبحث الثاني: التعريف بنظرية الضرورة الشرعية، المبحث الثالث: التعريف بنظرية الظروف الطارئة.
الباب الأول عنوانه: «أسباب الجوائح وأنواعها وشروطها». وفيه أربعة فصول: الأول: أسباب الجوائح، الفصل الثاني: أنواع الجوائح، الفصل الثالث: شروط الجوائح، الفصل الرابع: الأموال والتصرفات التي تؤثر فيها الجوائح.
وللجوائح أسباب متعددة، منها ما وقع الاتفاق عليه من العلماء الذين يقولون بوضع الجوائح، ومنها ما لم يقع اتفاق العلماء عليه، ومنها ما وقع الاتفاق على عدم وضع الجوائح فيها.
والجوائح أنواع؛ فقد تكون آفات سماوية، وقد تكون من فعل الإنسان، وما كانت من فعل الإنسان تنقسم إلى قسمين: ما يمكن تضمينه، وما لا يمكن تضمينه.
وقد وضع الفقهاء القائلون بوضع الجوائح شروطًا معينة، يشترط وجودها لكي تعتبر الجائحة، وتوضع عن المشتري؛ حيث يظهر من كلام الفقهاء، أنهم لم يطلقوا القول بوضع الجائحة دون ضوابط وشروط، بل وضعوا ضوابط وشروطًا اتفقوا على بعضها، واختلفوا في البعض الآخر، وقد يظهر الاتفاق واضحًا من خلال كلام الفقهاء، وقد لا يظهر صريحًا، حيث لا يصرحون بالاختلاف، ولا يظهر منهم خلاف، فيكون اتفاقًا ضمنيًا.
والجوائح تجري في الأموال والتصرفات كافة، سواء كانت معاوضات أو غير معاوضات. ويعرض الباحث بيان جريان الجوائح في كافة الأموال عوضية كانت أو غير عوضية.
الباب الثاني عن «أحكام الجوائح». وفيه أربعة فصول:
الفصل الأول: أحكام بيع الأصول والثمار، الفصل الثاني: وضع الجوائح، الفصل الثالث: صور من الجوائح في العقود وغير العقود، الفصل الرابع: طرق القضاء بالجائحة وفسخ العقود بها.
وفي هذا الباب يتناول الباحث بعض الأحكام المتعلقة بالأصول والثمار والحبوب والبقول، لما في ذلك من صلة وثيقة بأحكام الجوائح. كما يعرض مسألة وضع الجوائح، وهي أساس الموضوع كله، ويبين المراد بوضع الجوائح، ومحل النزاع فيها، ويذكر خلاف العلماء في حكم وضع الجائحة مبينًا الأقوال والأدلة والمناقشات وسبب الخلاف فالترجيح.
ويعرض هذا الباب كذلك بعض صور الجوائح، سواء في العقود أو في غير العقود، والغرض منه ضرب الأمثلة، ووضع تصور عام عن وقوع الجائحة في أمور كثيرة غير الثمار، وأثر الجائحة في فسخ العقود، سواء كانت عقود بيع أم عقود إجارة.
الباب الثالث عن «الصلة بين الجوائح ونظريتي الضرورة الشرعية والظروف الطارئة» وفيه فصلان:
الفصل الأول: الصلة بين الجوائح ونظرية الضرورية الشرعية. لنظرية الضرورة الشرعية صلة واضحة بمبدأ وضع الجوائح. وتتبين هذه الصلة من اشتراكهما في القواعد الناظمة لأحكامهما، وسبب كل منهما، والأساس الذي بُني عليه.
ويخلص الباحث في هذا الفصل إلى النتائج التالية:
1- أن الربط بين نظرية الضرورة الشرعية ومبدأ وضع الجوائح هو أن الجائحة سبب للضرورة، وأن وضع الجوائح يعتبر أثرًا من آثار الضرورة، فشرع وضع الجائحة لأن الضرورة والحاجة تدعوان إلى ذلك عند قيام العذر، وهو وجود الجائحة.
2- أن نظرية الضرورة الشرعية تتفق مع مبدأ وضع الجوائح في كثير من القواعد الفقهية، كقاعدة «المشقة تجلب التيسير»، وقاعدة «الضرر يزال»، وقاعدة «الضرر يُدفع بقدر الإمكان».
فالجائحة إنما وُضعت للتيسير، ورفع الحرج عن المكلف، وإبعاد الخسارة عنه، وفيه ضمان لحقه، وكلما وقع في المشقة والضيق والحرج بسبب ما تكبده من خسائر فادحة جراء ما أتلفته الجائحة، اتسع الأمر في حقه ورفع الحرج عنه.
كما أن الجائحة توضع موافقة لمقاصد الشريعة العامة القاضية بتحصيل المنافع وتكميلها، ودفع المضار وتقليلها بقدر الإمكان، والتخفيف من آثارها، ولذلك وُضعت الجائحة، وأُسقط ما احتيج من الثمرة عن المشتري بمقدار ما نقص منها.
3- أن الأساس الذي بُني على نظرية الضرورة الشرعية، ومبدأ وضع الجوائح واحد، وكلها أدلة قاضية بحفظ حق المكلف، ودفع الضرر عنه، وتحصيل المنفعة له.
وكذلك تتشابه وتشترك الحكمة في كل منهما، فهي- علاوة على دلالتها على جلب المصلحة ودفع المضرة ورفع الحرج- تدل أيضًا دلالة واضحة على التوسع في الأحكام الشرعية، حيث إن أحكام الضرورة فيها من التوسع والنظرة الشمولية للأحكام الشرعية ما يبيِّن مرونة الشريعة وسعتها.
إن مبدأ وضع الجوائح يفتح آفاقًا متسعة للمجتهد ليضع حلاً لكثير من المشكلات المعاصرة العالقة، ولكثير من الجوائح المستجدة التي تحتاج إلى اجتهاد ونظر دقيق من المجتهد، ليجد حلاً مناسبًا وعلاجًا ناجعًا لتلك الجوائح.
الفصل الثاني عن الصلة بين الجوائح ونظرية الظروف الطارئة. ويُبيِّن الباحث في هذا الفصل الصلة بينهما، فهناك بلا شك صلة واضحة بين الجوائح التي تعتبر ظرفًا طارئًا وبين نظرية الظروف الطارئة.
ويعرض الباب الرابع أمثلة تطبيقية لبعض الجوائح المعاصرة، وفيه أربعة فصول:
الفصل الأول: جوائح ارتفاع الأسعار، الفصل الثاني: جوائح تدخل الحكومة، الفصل الثالث: جوائح البيئة، الفصل الرابع: جوائح الخطر.
ومن خلال هذه الدراسة يبين الباحث أهمية دراسة الجوائح المعاصرة باعتبارها من النوازل والمستجدات التي يجب على المجتهدين أن يبذلوا الوسع فيها؛ لإيجاد الحلول المناسبة لها بما يحقق المصلحة العامة.
كما تبين هذه الدراسة أن موضوع الجوائح لا يوجد له غطاء تشريعي في كثير من البلدان العربية، ولا يمكن اللجوء إلى العُرف وحده للفصل في النزاع المترتب على الحادث الطارئ بين أطراف النزاع. لذلك كان من المهم إيجاد تشريعات مناسبة وغطاء قانوني واضح لمعالجة المشاكل والنزاعات الناتجة من الحوادث الطارئة.