Welcome to Al-Furqan’s E-Database

The largest gateway of Islamic written heritage

MAQ-3-OF-3184.JPG

‘Maqasid’ databank / collection

This databank / collection includes the digitised content of the “Bibliography for Maqāṣid al-Sharīʿah”, an encyclopaedic project undertaken and published by Al-Furqan. This comprehensive reference manual and historical documentation of what has been written in the field of Maqāṣid (objectives of Islamic law), identifies and gathers the cumulative research produced over the course of history in this field since the 3rd century of the Islamic calendar, up to date.

The “Bibliography for Maqāṣid al-Sharīʿah” is a unique collection. It includes around 2000 references (manuscripts, university theses, conference proceedings and contemporary studies), in all the madhabs (juridical schools of law) and the Islamic schools of thought.


يتكوَّن الكتاب من مقدمة وخمسة أقسام. وتدور الدراسة حول نظرية الحوادث الطارئة، وهي من أشد موضوعات القانون المدني دقة وأكثرها اتساعًا لاختلاف وجهات النظر، وهي ما زالت في نطاق البحوث التي يقوم حولها الجدل؛ لأن الشرائع التي أقرها ما برحت عليلة.‎
والبحث في نظرية الحوادث الطارئة ما زال مكتنفًا بالمشقة، وتزداد هذه المشقة اتساعًا في بلد انتقل فجأة من تشريع مأخوذ من الفقه الحنفي كمجلة الأحكام العدلية إلى قانون مستمد من التقنين الحديث كالقانون المدني.‎
وما زالت هذه النظرية موضع خلاف شديد، وقد ترجع أسباب هذا الخلاف إلى تباين وجهات النظر إلى مصلحة المجتمع، وقد ترجع إلى مفهوم الحرية الفردية ومدى اتصالها بمصلحة الجماعة. والواقع أن كلا الفريقين يبغي ضمان هذه المصلحة، ولكنه يختلف عن الآخر في الوسيلة. فمن عارض النظرية رأى فيها ما يهدد استقرار التعامل بين الناس، ومن أخذ بها رأى ثبات هذا التعامل إذا قام على أساس من العدل والإنصاف.‎
والواقع أن النظرية تتصل بمبادئ العدل قبل كل شيء. وهي في سبيل ذلك لا تقيم وزنًا كبيرًا للإرادة الفردية، والعبرة للإرادة الضمنية قبل الإرادة الظاهرة، وفيها ما يضمن تعامل الناس على حقيقة ما اتفقوا عليه، ويقيمه على أساس من العدل، وهو أدعى إلى مصلحة الجماعة.‎
من هذه النظرة إلى نظرية الحوادث الطارئة يظهر مدى ارتباطها بمبادئ الأخلاق، فليس من الفضيلة في شيء أن يثرى متعاقد ويخسر آخر؛ لأن طارئًا لم يكن في الحسبان قد قلب الظروف التي تم فيها التعاقد. ومن هذا الارتباط بالمبادئ الأخلاقية يبدو اتصال النظرية بالشرائع التي تستمد أصولها من قواعد الأديان.‎
إن الشريعة الإسلامية، وهي تدعو إلى الرحمة والتآخي، قد كانت مصدرًا خصبًا للقواعد التي أقامها الفقهاء على ذلك الأساس المتين من التعاطف، فوضعوا كثيرًا من النظريات التي تتجلى فيها فكرة الحق المقرونة بالرفق والتعادل والإنصاف، ومنها نظرية الضرورة التي اقتبس منها القانون المصري قاعدة الحوادث الطارئة، وجاراه في ذلك القانون السوري والليبي والعراقي.‎
إن الأصل في الفقه الإسلامي هو عدم جواز الضرر ووجوب إزالته، عامًا كان أو خاصًا، وهذا هو المبدأ العام الذي فرّع منه الفقهاء كثيرًا من القواعد والأحكام، ومن هذا المبدأ وتطبيقاته يمكن استنباط نظرية الضرورة التي تتسع لنظرية الحوادث الطارئة.‎
على أن مبادئ الدين وشرائعه إذا ساعدت على الأخذ بنظرية الحوادث الطارئة، فليس الأمر بهذه السهولة في الشرائع الدنيوية. فقد كانت القوانين المدنية كلها مجمعة إلى عهد قريب على رفض النظرية تأثرًا بأحكام العقد في الشريعة الرومانية، وأخذ بمبدأ سلطان الإرادة الذي أرست قواعده الثورة الفرنسية. غير أن تبدل الحياة الاجتماعية، غيّر رابطة الفرد بالفرد ورابطته بالمجتمع، ودعا الدولة إلى التدخل في تنظيمها.‎
يعرض المؤلف في المقدمة للنظرية المسماة النظرية بالظروف أو (الحوادث) الطارئة، ويرى أن في الاسم الدلالة الكافية على معناها. وخير وسيلة لعرض هذه النظرية أن نضرب لها مثلاً من الواقع لإظهار العناصر التي تتألف منها وتتميز بها، فلو تعهد تاجر بتوريد سلعة، ثم طرأ حادث مفاجئ جعل تنفيذ العقد مستحيلاً، أو تقوم على افتراض آخر لا يكون فيه تنفيذ الالتزام مستحيلاً بل ممكنًا، ويؤدي إلى إرهاق وخسارة فادحة تخرج عن المألوف، فما هو مصير هذا العقد؟ وماذا ينبغي أن يكون موقف المشرع أو القاضي؟
لقد وقف المشرعون والفقهاء من هذا الأمر موقفين متعاكسين: فمنهم من أبى أن يحل المدين من التزامه أو يخفف العبء عنه، ومنهم من يرى عكس ذلك. وعندهم أنه لا يجوز أن يُترك المدين نهبًا لحوادث لم يحتسبها، فالعدل يقضي بإسعافه ورفع الظلم عنه، إذا أضحى تنفيذ العقد مرهقًا ومؤديًا إلى خسارته خسارة فادحة، وهؤلاء يقيمون العقد على أساس العدالة التي توجب مراعاة الظروف الطارئة على العقد، لكيلا يغبن المدين بفعل تلك الظروف، ولا يثرى الدائن على حساب المدين.‎
ويرى المؤلف أن رأي الفريقين في العقد يصدر عن مبدأ أخلاقي. فالأخلاق تقضي بوجوب تنفيذ العقد والحفاظ عليه، كما تقضي بمراعاة العدالة وبقاء التساوي بين المتعاقدين حتى الانتهاء من تنفيذ الالتزام.‎
وأن سبب الخلاف بين هاتين الفئتين يعود إلى اختلافهما في تفسير العقد وتطور مفهومه، فغاية العقد عند من يحرص على حُرمة التعاقد، هي حماية حرية الأفراد وحفظ الترابط بينهم لكيلا يؤدي الأمر إلى الإخلال بالعقود والتفريط بالثقة التي هي عماد التعامل، وغاية العقد عند من يبيح التحلل من قوة العقد وإلزامه وهي جواز تعديله حتى يحقق العدالة التي توجب حماية الطرف الذي أضحى ضعيفًا بسببه، لأن تجاهل هذا الحادث، يتعارض مع حُسن النية التي يقتضيها تنفيذ العقد، كما يمكن أن يعتبر إساءة لاستعمال الحق وإثراء غير مشروع؛ وهنا يطرح المؤلف تساؤلاً: هل غاية الحق هي تأمين منفعة خاصة أم تأمين منفعة عامة؟
إن معركة عنيفة تدور رحاها اليوم بين مذهبين من مذاهب الفقه في فرنسا: المذهب الحر أو التقليدي الذي يخاصم النظرية ويعارض قبولها، والمذهب الاجتماعي الذي يحتضن النظرية ويطالب بالأخذ بها.‎
ولم تلبث تشريعات البلاد العربية أن تأثرت بتيار هذه النظرية في أعقاب الحرب العالمية الأخيرة، فأقرتها مصر، وتبعتها في ذلك سوريا والعراق وليبيا والكويت، وفي البلاد العربية التي تم وضع قانونها المدني قبل الحرب ولم تأخذ بالنظرية فإن كثيرًا من الفقهاء ينادون بالأخذ بها، ويدعون إلى قبولها؛ ولِمَا كانت الشريعة الإسلامية قد اتخذت من مبدأ العدالة قاعدة أصيلة لجعل الأحكام وسيلة تراحم وتعاضد بين الناس، وأقرب ما يكون لمرضاة الله، وكان هذا المبدأ مستمدًا من صميم الغاية التي تهدف الشريعة لتحقيقها.‎
ينقسم الكتاب إلى خمسة أقسام:
القسم الأول: وفيه بحث في نظرية الظروف الطارئة في التشريع الأوروبي.‎
القسم الثاني: فيه بحث في أسس النظرية في الشريعة الإسلامية وفي تطبيقاتها على بعض العقود التي تستدعي الضرورة تعديلها بسبب ظروف طارئة. ويستشهد المؤلف في هذا القسم برأي للأستاذ السنهوري، وهو من أكبر الفقهاء العرب المعاصرين، وقد أخذ بهذه النظرية في مقاله الذي دعا فيه إلى تنقيح القانون المدني المصري، فقال: إن نظرية الظروف الطارئة عادلة، ويمكن للمشرع المصري في تقنينه الجديد أن يأخذ بها استنادًا إلى نظرية الضرورة في الشريعة الإسلامية، وهي نظرية فسيحة المدى خصبة النتائج تتسع لنظرية الظروف الطارئة، ثم تابع بحثه قائلاً: «إن نظرية الضرورة من النظريات الإسلامية في الشريعة الإسلامية وهي تماشي أحدث النظريات القانونية في هذا الموضوع».‎
والواقع أن الشريعة الإسلامية بفضل أصلها الديني، قد أفسحت في قواعدها مجالاً رحبًا لمبادئ الأخلاق والعدالة، فكان طابع الرفق بالناس هو الغالب فيها، وقد صدر فقهاء المذاهب الإسلامية عن هذا الأصل في اجتهادهم معتمدين في ذلك على مبادئ أساسية وردت في القرآن والحديث، كآية ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾، وحديث: «أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحاء»، فأصل الشرع الإسلامي يقوم على اليسر والتسهيل.‎
على أن آية: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾ قد بينت بوضوح تام أن القرآن قد أوجب تطبيق القواعد القانونية التي سماها بالعدل مقرونة بالعدالة التي سماها بالإحسان.‎
ويرى الإمام الغزالي أن مقصود الشرع أن يحفظ للناس دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة مصلحة واقعة في رتبة الضرورات، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة.‎
من هذا الأصل الذي تقوم عليه نظرية الضرورة، تفرعت قواعد أساسية في الشريعة الإسلامية كانت مصدرًا لكثير من الأحكام، كقاعدة: «لا ضرر ولا ضرار» التي أوردها النبي ق نفسه، وقاعدة: «الضرر يُزال»، و«المشقة تجلب التيسير»، و«الأمر إذا ضاق اتسع»، و«الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة»، وأخيرًا القاعدة الكبرى التي قررت أن «الضرورات تبيح المحظورات».‎
ولتطبيق هذه القواعد وضع الفقهاء قواعد عامة ذات صفة أساسية كذلك، كقاعدة أن «الضرر لا يُزال بمثله»، و«الضرر الأشد يُزال بالضرر الأخف»، و«الضرر يُدفع بقدر الإمكان» و«يُحتمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام».‎ ونظرية الضرورة بكل قواعدها التي تفرعت عنها ذات شمول واسع، فهي تسود علاقة الفرد بالمجتمع، وعلاقة الأفراد مع بعضهم بعضًا، وبما أن هذه العلاقة تتبدل بتبدل الظروف بحيث يحصل منها عند التطبيق ضرر غير متوقع عند نشأتها، فإن إزالة الضرر منها، لا يتأتى إلا بتعديلها.‎
وعلى الرغم من رعاية الحق الفردي رعاية واسعة جدًا في الشريعة الإسلامية، فإن نظرية الضرورة تقدم مصلحة المجتمع على مصلحة الفرد عند تعارضها وتقبل بالضرر الذي يصيب الفرد لإزالة الضرر العام.‎
فالضرر العام يجب أن يُزال، هذا هو المبدأ الأول، ولكن إزالته إذا أورثت ضررًا بالفرد، فذلك يجب أن لا يتعدى حدود الضرورة مع وجوب التعويض عليه ما أمكن ذلك، وهذا هو المبدأ الثاني. وفي نطاق هذين المبدأين قرر فقهاء الشريعة أنه إذا ارتفعت أثمان الطعام فبلغت حد الغبن الفاحش، كان للإمام أن يسعره بسعر معتدل بمعرفة أهل الخبرة، وإذا اشتدت الحاجة إلى الطعام، فإن من يحتكره يؤمر بالبيع، ولكن في حدود ما يزيد عن قوته وقوت أهله.‎
ثم يعرض المؤلف بعض تطبيقات النظرية في القانون الخاص، ونظرية العذر التي انفرد بها المذهب الحنفي، والواقع أن المذاهب الفقهية الإسلامية متفقة على أن الإجارة عقد لازم لا يستقل أحد العاقدين بفسخه بشرط سلامة المأجور، وعدم حصول عذر يمنع من استيفاء المنفعة إلا بضرر. وهناك في هذا المجال أيضًا نظرية الحوائج.‎
أما القسم الرابع فهو عن شروط تطبيق النظرية وعن الأثر القانوني لتطبيقها.‎
والقسم الخامس يبحث في علاقة النظرية بالنظام العام، وفي رقابة محكمة النقض على تطبيقها، وفي تطبيقاتها في القانون المدني.